مساعدة أمريكية تجد طريقها الى مشروع هاتف فلسطيني يسانده عباس

ذهبت مساعدات أمريكية في صورة ضمانات قروض مخصصة للمزارعين الفلسطينيين ومشاريع أخرى صغيرة ومتوسطة الى شركة لاتصالات الهاتف المحمول يساندها الرئيس محمود عباس ومستثمرون خليجيون.
ويثير تحويل الدعم المقدم من دافع الضرائب الامريكي الى الوطنية الفلسطينية للاتصالات (الوطنية موبايل) وهي مشروع مشترك بين مجموعة اتصالات كويتية قطرية وصندوق الاستثمار الفلسطيني مخاوف رعاة المشاريع الخاصة الصغيرة.
ويقول مؤيدو الشركة ان دعم الوطنية موبايل مفيد للوظائف وحرية الاسواق في وقت تلقي واشنطن بثقلها ومالها وراء عباس لكبح نفوذ حركة المقاومة الاسلامية ( حماس) في غزة وكشريك في جهود لاعادة اطلاق مفاوضات السلام مع اسرائيل.
ومن بين المدافعين عن الشركة مبعوث سلام الشرق الاوسط توني بلير الذي ضغط على اسرائيل لكي تمنح الوطنية موبايل الترددات بحيث تستطيع تحدي احتكار مجموعة الاتصالات الفلسطينية (بالتل).
وقال محمد مصطفى المستشار الاقتصادي الكبير لعباس ورئيس مجلس ادارة كل من صندوق الاستثمار الفلسطيني وهو شركة قابضة لاصول عامة والوطنية موبايل ان ضمانات القروض البالغة قيمتها 16 مليون دولار التي حصلت عليها الوطنية موبايل تبررها أزمة الائتمان العالمية وقدرة الشركة على تعزيز الاقتصاد الفلسطيني.
وقال ان ضمانات كبيرة تبقت لمساعدة المشاريع الصغيرة كما يهدف رعاة البرنامج.
لكن أعضاء سابقين بمجلس ادارة صندوق الاستثمار الفلسطيني ومستشارين تحدثوا مشترطين عدم كشف هوياتهم شككوا في مبرر منح ضمانات القروض الامريكية في وقت يحقق الداعمون الماليون للوطنية موبايل أرباحا كبيرة.
وقال سمير برغوثي المدير العام للمركز العربي للتطوير الزراعي الذي يساعد الشركات الصغيرة "لا يحتاجون الى ضمان. ليسوا المستفيدين المستهدفين .. هذا غير مقبول."
ويقول أصحاب المشاريع الصغيرة والمدافعون عنها ان هذا يبعث بالرسالة الخطأ بشأن دور واشنطن المتنامي في القطاع الخاص الفلسطيني الذي تهيمن عليه مجموعة صغيرة من الشركات الثرية والمستثمرين الذين تربطهم شبكة من الحيازات المتبادلة.
وجاء دعم برنامج ضمانات القروض من معهد أسبن الامريكي الذي نظمت مجموعة استراتيجية الشرق الاوسط التابعة له اجتماعا لشخصيات أمريكية بارزة مثل وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت والسناتور ديان فاينستاين مع رجال أعمال فلسطينيين من بينهم مدراء بصندوق الاستثمار الفلسطيني.
ومن بين هؤلاء سمير خوري المسؤول الكبير بشركة اتحاد المقاولين وطارق عقاد الرئيس التنفيذي للشركة العربية الفلسطينية للاستثمار التي يشغل طارق نجل الرئيس عباس منصب نائب الرئيس بها. وكان ياسر الابن الاكبر لعباس ضمن المشاركين في اجتماع معهد أسبن.
وقدم فاينستاين مشروع قانون لاقرار البرنامج الذي تموله مؤسسة الاستثمار الخاص الخارجي التابعة للحكومة الامريكية وصندوق الاستثمار الفلسطيني وتشرف عليه مبادرة استثمار الشرق الاوسط ذات الصلة بمعهد أسبن.
أطلق البرنامج عام 2007 وسط صخب اعلامي وعرض ضمانات قروض تصل الى 230 مليون دولار لدعم التزامات قدرها 110 ملايين دولار من مؤسسة الاستثمار الخارجي في واشنطن و50 مليون دولار من صندوق الاستثمار الفلسطيني. وحددوا نطاق اقراض في حدود عشرة الاف الى 500 ألف دولار.
وتضمن اعلان اطلاق البرنامج في يوليو تموز 2007 قول وزارة الخارجية الامريكية "ستقدم المبادرة قروضا طويلة الاجل بأسعار في المتناول للشركات الفلسطينية الصغيرة والمملوكة عائليا التي ما كان لها أن تحصل عليها.
"قد يتضمن هذا مزارع زيتون يريد توسعة النشاط أو شابا لديه شركة صغيرة لتكنولوجيا المعلومات أو شخصا يريد الاستعانة بجيرانه لانتاج وتصدير مطرزات فلسطينية."
وفي البداية سار البرنامج وفقا للخطة. فقد ضمت المحفظة في أول 11 شهرا من 2008 عدد 46 قرضا مجموعها 7.6 مليون دولار قيمة نحو 80 في المئة منها بين عشرة الاف و200 ألف دولار.
ثم في ديسمبر كانون الاول سارع مديرو البرنامج بالموافقة على ما وصفوهما في تقرير شهري بقرضين كبيرين "استثنائيين" مجموعهما 16 مليون دولار لدعم الوطنية موبايل.
وقال مسؤول يشارك في ادارة برنامج القروض مشترطا عدم نشر اسمه ان قرار دعم الوطنية موبايل صدر سريعا بعد أن حذرت بنوك فلسطينية من أنها قد لا تستطيع تقديم قروض.
وقال تيموثي هاروود المتحدث باسم مؤسسة الاستثمار الخاص الخارجي ان الوكالة "خلصت الى أنه بحكم قدرتها الكبيرة على توفير فرص عمل .. أكثر من ألفي وظيفة من المتوقع أن يوفرها المشروع .. فانه استثمار يستحق وينسجم مع مهمة المؤسسة لدعم التنمية الاقتصادية في أسواق صاعدة."
وقال صندوق الاستثمار الفلسطيني والمؤسسة ان الصندوق المساهم بنسبة 43 بالمئة في الوطنية موبايل وشريك المؤسسة في برنامج القروض لم يشارك في اقرار القرضين.
وتساءل بعض المسؤولين الفلسطينيين وصغار رجال الاعمال لماذا تحتاج شركة مملوكة ملكية مشتركة لصندوق الاستثمار الفلسطيني والشركة الوطنية للاتصالات المتنقلة ( وطنية) التابعة لشركة اتصالات قطر (كيوتل) الى مساعدة أمريكية.
كان صندوق الاستثمار الفلسطيني حقق 260 مليون دولار ربحا في 2007. وتجاوزت أرباح وطنية الكويتية 280 مليون دولار في 2008.
وقال مسؤول فلسطيني كبير يعمل في الاشراف المصرفي "لا أعتقد أن الحصول على قرض مصرفي كان مشكلة."
وقال مصطفى ان الضمانات كانت ضرورية لطمأنة البنوك المحلية التي أراد صندوق الاستثمار الفسطيني أن تشارك في العملية. وقال مصطفى "أظن أنهم كانوا خائفين" معللا ذلك بأزمة الائتمان والحرب في قطاع غزة وعدم التيقن حيال متى قد تفرج اسرائيل عن الترددات للشركة الجديدة.
وقال مصطفى ان الهدف الرئيسي للبرنامج كان مساعدة الشركات الصغيرة لكن القواعد كانت من المرونة بما يسمح للشركات الكبيرة بالاستفادة وفقا لمعايير محددة "وبخاصة عدد الوظائف التي تستطيع خلقها."
وترد ريم عبوشي رئيسة الجمعية الفلسطينية لصاحبات الاعمال التي تقدم قروضا صغيرة للنساء على ذلك بالقول ان "الشركات الصغيرة ستخلق وظائف أكثر بكثير ووظائف دائمة في الاجل الطويل عن الاستثمارات الكبيرة."
وقال محمد أبو بكر (52 عاما) الذي يعمل بمجال صناعة الطوب في جنين انه لم يكن يأمل في الاستفادة من المساعدة الامريكية. وقال انه مقتنع مثل معظم أصدقائه من صغار رجال الاعمال أنها تذهب الى "كبار رجال الاعمال والاثرياء".
من أدم انتوس
(شارك في التغطية ايفان كاراكاشيان في القدس ووائل الاحمد في جنين)

0 التعليقات: